كانت لحظات نقله إلى المستشفى عصيبة على كل من عرفوه أما هي فكانت في عالم آخر. فخلال أسابيع هي عمر دخوله المستشفى كانت في حالة من الذهول المقترنة بنوستالجيا رقيقة لكل ما مر بهما سويا ودموع متمردة فشلت في احتجازها عندما طلب منها الجميع أن "تجمد" و"تتفاءل" . الحالة مرض عضال واحتمالات بقائه على قيد الحياة ضئيلة جدا. كانت على قناعة بأن إرادة الحياة أقوى من الموت إلا عندما يشاء الرب. ظلت بجانبه طوال تلك الاسابيع تبقي يدها في يده وتحدثه طويلا عن تحدي زواجهما الذي مهما "فبرك" المجتمع تسامحه لن ينجح في إخفاء رفضه زواج مسلم من قبطية. هما وحدهما آمنا بما حدث واستخار هو الله وسألت هي الرب أن يهديها لما فيه الخير. استرجعت كل اللحظات والاشخاص الذين وقفوا معهما أو ضدهما حاولت جاهدة ان تقنعه أن إرادة الحب تلي مشيئة الرب الذي جمعهما رغم كل شيء وأن الموت لن يكون أقوى من قطيعة الاهل وقلة الاموال وتذبذب الحب نفسه.
لم يكن ليقتنع واكتفى بطبع قبلة رقيقة على يدها التي لم تفارق يده. قررت الليلة أن تهجر سريرها المجاور لسريره وتنام إلى جواره وتحضنه كما لم تفعل من قبل. لم يكن حضنا بل تشبث وكأنها بهذا التشبث ستحول دون موته.
دخلت الممرضة في الصباح الباكر لتنظيف غرفة الحبيبين وعندما رأتها إلى جواره على نفس السرير كان لزاما عليها أن تنصحها بتركه يرتاح على سريره بمفرده وتستكمل نومها على السرير الخاص بها. اقتربت منها لتوقظها لكنها تفاجأت بمنى وقد ماتت على نفس الوضع وهي تحضن رأفت وكأنها تتشبث به.
وفي هدوء شديد خرجت من الغرفة وحرص الجميع على أن تخرج جثة الزوجة دون أن يشعر زوجها الراقد في نوم عميق بالفراش ويده فوق يدها وعلى وجهه ابتسامة رضا وراحة.
(القصة مستوحاة إلى حد كبير من فيلم "للحب قصة أخيرة" بطولة معالي زايد ويحي الفخراني على أن الزوج في الفيلم هو من مات في النهاية)
No comments:
Post a Comment