Wednesday, July 13

يوم مر

لا بأس اليوم من ركوب الاوتوبيس

غريبة.. كانت المنطقة المحيطة بكرسي الكمسري الذي دائما ما تمنت الجلوس عليه مزدحمة بينما نعمت المنطقة المجاورة للسائق بالهدوء النسبي

قدمت له ثمن التذكرة وكان يلح في سؤال الجميع "خدت تذكرتك؟"

أما هي فضغط على يدها ضغطة الصارم وسألها بحزم "خدتي تذكرتك يا انسة" ابتسمت ابتسامة بلهاء .. لم يكن للسؤال معنى حقيقي

حتى تصل إلى جنة المنطقة الهادئة نسبيا بجوار السائق كان عليها تخطي كتلة البشر

تخطت رجلا واثنين ثم جاء الثالث وهو الشخصية المتوقعة في كل اوتوبيسات القاهرة..كيف يمكن أن يتلذذ رجل بملامسة جسد أثنى لا يعرفها

تخطت المتحرش وفوجئت بقدم تدهس قدمها الصغير بقوة ولم تتحمل الألم فصرخت بقوة "أي" يبدو أن الشخص الذي دهس قدمها تخيل أن "أي" رنة موبايل جديدة صوتها مجسم .. "يااه رنة جامدة فعلا ".. هكذا قال لنفسه

وكانت الأم تحمل طفلتها التي لا تأكل من البسكويتة شيئا يذكر بعد أن أخرجتها من فمها على قميص صديقتنا التي تراءت لها المنطقة الهادئة بجوار السائق وكأنها جنة عدن.. مع الوضع في الاعتبار مؤثرات الحر ورائحة الانفاس الكريهة .. والعرق .. كانت تنظر للأم شذرا لكن اهتمامها انصب على المنطقة الهادئة

تخطت الكتلة البشرية بسلام وابتسمت بل وجلست بجوار رجل يتصفح جريدة الصباح

فجأة تجسد لها اصبع اللواء الفنجري خارجا من الجريدة وموجها مباشرة ناحيتها وحاولت ألا تسترجع ذكريات الفزع الذي شعرت به بالامس عندما جاء الاصبع الشهير مع الصوت الجهوري مع البدلة العسكرية ليفسد يومها ويتسبب في ارتعاد فرائصها ويؤذن لها برحلة اليوم

بلعت ريقها وحمدت الله أن الاوتوبيس وصل التحرير

لم يكن ينقص التجربة فعلا إلا السائق الذي سخر منها قائلا "شباب 25"

لم تكن تفهم في السياسة حقا لكنها استرجعت الشخصيات في الاوتوبيس وأحبتهم كثيرا.. وأدركت معنى أن الحقوق لا تمنح وإنما تنتزع وأن هؤلاء المتحرشين والمتكدسين في الاوتوبيسات والسائقين الغلابة والامهات

هم الأولى بالثورة والاولى بهتافها في الميدان



لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين

لا لضرب وسب المصريين في اقسام الشرطة وعلى أيدي أفراد الجيش

لا للتراخي في محاكمة القتلة

نعم لحكومة ائتلافية تحقق العدالة الاجتماعية .. حكومة مخلصة تهتم بالبناء والبدء في بناء مصر جديدة لا نحلم بالفرار منها لأي بلد

نعم لمحاكمة رئيس مخلوع أذل المصريين وامتهن كرامتهم كثيرا

ولا لكل سلطة تتصور عبثا أن لها شرعية لا تستمد من فقراء هذا البلد قبل أغنيائها .. من جهلاء وثوار هذا البلد قبل نخبتها وسياسييها

No comments: